header

خطة سيدة فاطمة للسلام
مباشرة من الجنة


قصة فاطمة

في يوم ربيعي بارد باعتدال سنة 1916، اخذت لوسيا ابوبورا (او دوس سانتوس) وعمرها تسع سنوات، مع ولدَي خالها وهما فرنسيسكو مارتو وعمره ثمانية سنوات وجاسنتا مارتو وعمرها ست سنوات، القيام برعي اغنام اهلهم بمرعى قريب من منازلهم في قريتهم الجبلية الصغيرة واسمها ألجوستريل (Aljustrel) وهي من ضواحي فاطمة في البرتغال، وتبعد حوالي 90 ميلا عن لشبونه. ها قد ابتدأت السماء تمطر رذاذاً، فأخذ الاولاد ملجأ لهم في احد الكهفة القريبة. وفجأة ظهر من الطرف الاخر للحقل كرة بيضاء من النور تتجه في الفضاء نحو الكهف. حدق الاولاد الثلاثة بعجب عندما شاهدوا رجلا شابا جميلا في وسط النور يرتدي ثوباً ابيضاً فضفاضاُ.

اخذ الشخص الغريب بالتكلم فقال: "لا تخافوا، انا ملاك السلام. صلوا معي." راكعاً على الارض وحانياً رأسه كثيراً، ردد هذه الصلاة ثلاثة مرات والاولاد يرددون بعده : يا الهي، اؤمن بك، اعبدك، آمل بك واحبك. اطلب الغفران للذين لايؤمنون بك، لا يعبدونك، لا يأملون بك ولا يحبونك."

في منتصف الصيف، عندما كان الاولاد سوية، عاد الملاك مرة اخرى وقال: "صلوا! صلوا كثيراً. فلقلبَي يسوع ومريم خططاً رحومة تجاهكم. قدموا الصلوات والتضحيات للعلي باستمرار. اجعلوا من كل ما تعملوه تضحيةً وقدموها كفعل تعويض عن الخطايا التي تسيء الى الله، وكتوسل لاهتدأ الخطأة. اجلبوا السلام لوطننا بهذه الطريقة...انا الملاك الحارس للبرتغال. اقبلوا وتحملوا بخضوع كل معانات يرسلها الرب اليكم."

وجاء الملاك مرة اخرى في خريف تلك السنة، حاملاً معه كأساً من الذهب بيد وخبز القربان المقدس باليد الاخرى. ومذهلين لاحظ الاولاد ان قطرات من الدم كانت تسقط من القربان وتستقر في داخل الكأس. وتواً، ترك الملاك القربان والكأس معلقان مكانهما في الفضاء وسجد على الارض مردداً هذه الصلاة الجميلة: "يا ايها الثلاثي المقدس – الآب والابن والروح القدس – اعبدك عبادةً عميقة. اقدم لك اثمن جسد، دم، روح وقدسية يسوع المسيح الحاضرة في كل بيوت القربان في كنائس العالم كتعويض للانتهاكات والتدنيس وعدم الاكتراث التي جرحت مشاعره. وبواسطة الاستحقاقات اللامتناهية لقلبه الكامل القداسة وقلب مريم الطاهر، اتوسل منك اهتداء الخطأة المساكين."

وضع الملاك القربان على لسان لوسيا. اما لفرنسيسكو وجاسنتا اللذين لم يتناولان القربانة الاولى بعد، فقدم لهما الكأس، فشربا منها. وفي الختام، سجد على الارض مردداً الصلاة نفسها ثلاث مرات. ردد الاولاد الصلاة معه، وكان فرنسيسكو يردد من بعدهم، اذ لم يكن ليسمع كلام الملاك. وبعدها توارى ملاك السلام عن النظرفي وسط لمعان نور الشمس.

هكذا كانت مقدمة واحدة من اروع الرسائل التي اعطيت من السماء لاهل الارض – "خطة السلام" لسيدة فاطمة.

السيدة الاكثر لمعاناً من الشمس

يوم الاحد الواقع في 13 ايار، عام 1917، حوالي القليل من السنة بعد الظهور الاول للملاك، كان الاولاد يقومون برعي القطيع كالعادة وكانوا هذه المرة في فسحة قاحلة تسمى كوفا دو إيريا (Cova de Iria)، اي فسحة أيرين(Hollow of Irene) ، تبعد ميلا واحداً عن منزلهم وكان الظهر في يوم مشمس وفجأةً ظهر بريق وثم آخر، وخوفاً من انها عاصفة، جمع الاولاد الخراف للعودة الى المنزل. عندها، وقع نظرهم على شجرة سنديان صغيرة لا تعلو اكثر من ثلاثة اقدام، تماماً على الطريق التي يسلكونها. وظهر ضوء مبهر يعلو اعلى غصن فيها، عندما – عجب العجب – ما كان الا على بعد ذراع ونصف الذراع من حيث وقفوا ان ظهر شكل سيدة جميلة تقف في النور فوق الشجرة ورجليها مخفيتان وراء سحابة متاججة. كانت مثل الملاك ولكنها اجمل منه بكثير. وكانت ترتدي ثوباً ابيضاً وحجاباً يغطي رأسها وكتفيها نزولا حتى قدميها وحافته مطرزة بنور ذهبي. كانت يديها مجتمعتان سوية قبالة

Mary

صدرها، ومن ناحية اليمين تتدلى مسبحةً رائعة من اللؤلؤ الأبيض. وقد وصفتها لوسيا لاحقاً: "كانت سيدةً ابهر من الشمس."

بعد ان طمأنت الاولاد من عدم الخوف، قالت سيدة الرؤية: "انني آتية من الجنة. اريدكم ان تأتوا الى هذا المكان في نفس الوقت في 13 من كل شهر حتى شهر تشرين الاول. يومها أُفصح لكم عن من انا وما اريده." وطلبت منهم ان يصلوا مسبحة الوردية كل يوم وان يتحملوا جميع المصاعب التي يرسلها الله نحوهم.

وفي شهر حزيران، ظهرت السيدة مجدداً. كان هناك من الحاضرين 70 شخصاً، الا ان الاولاد هم الوحيدون اللذين استطاعوا مشاهدة الرؤية. افصحت للاولاد أن العديد من النفوس تذهب الى الجحيم لأنه ليس لديهم من يصلي ويقوم بتقديم التضحيات لصالحهم. واخبرت بان فرنسيسكو وجاسنتا سيتركان العالم قريباً ويذهبا الى الجنة. وهي ممسكةً بقلبها محاطاً بالشوك الثاقب من جميع الجهات، قالت سيدتنا للوسيا: "يريد الله ان تبقي في العالم بعض الوقت لانه يود استعمالكي كي توطدي في العالم التكريس لقلبي الطاهر. انني اعد بالخلاص كل من يعانق هذا التكريس وسوف تكون نفوسهم محبوبة من الله كما هو يحب وضعي بنفسي للزهور لتزين عرشه."

الاولاد يرون الجحيم

اثناء ظهورها في شهر تموز، وتجاوباً مع التماس من لوسيا، وعدت سيدتنا بانها ستنفذ في شهر تشرين الاول معجزة عظيمة امام الجمهور كي يؤمن الجميع ويدركوا من هي. ومرة اخرى حثت ام الله الاولاد ان يضحوا بانفسهم من اجل الخطأة وان يرددوا تكراراً هذه الصلاة وخصوصاً عند القيام بتضحية ما: "يا يسوع، انه لأجل حبك ولاهتداء الخطأة، وللتعويض عن الخطايا المقترفة بحق قلب مريم الطاهر."

وعند نطقها لهذه الكلمات، مدت سيدتنا يديها وصدر منهما اشعاعات بدت وكأنها تخترق الارض الى جوفها. وفجأةً اختفت الارض ووجد الاولاد انفسهم على حافة بحر من النار. وبكلمات لوسيا المترجمة لاحقاً في مذكراتها لعام 1941: "وغاطسٌ في تلك النار، كان هناك شياطين وارواح على شكل بشر كجمر شفاف، أسود برمته او برونزي براق يطفو في الحريق الهائل وها هم يرتفعون في الجو مع اللهب الصادر من ضمنهم وها هي ألارواح تسقط من كل صوب كشرارات حريق هائل دون ثقل او توازن مسببة لنا الرعب والارتجاف من الخوف. كنا نميز الشياطين لشبههم بحيوانات مخيفة وكريهة لا نعرفها، سوداء وشفافة. دامت هذه الرؤية لحظة لا غير. كم نحن نشعر بالامتنان لامنا السماوية الحنونة لانها اعدتنا لهذا في الرؤية الاولى عندما وعدتنا بأن تأخذنا الى الفردوس. والا لكنا متنا من الخوف والهلع.

قالت وهي تنظر الى الصغارالشاحبين الراجفين بعطف: "لقد رأيتم الجحيم حيث تذهب ارواح الخطأة المساكين. كي تنجوهم، يريد الله ان يثبت في العالم تقوى لقلبي الطاهر. اذا تممتم ما اقوله لكم، عدد كبيرمن الارواح ستخلص وسيعم السلام العالم."

الرؤية التي تنبئ بالحرب العالمية الثانية والشيوعية

إن الحرب (الحرب العالمية الاولى، وهي مندلعة يومها) هذه ستنتهي ولكن ان لم يكف الناس عن الاساءة الى الله، ستندلع اخرى في عهد بايوس الحادي عشر. عندما تشاهدون الليل مضاءً بنور مجهول (25 كانون الثاني، 1938) إعلموا ان هذه هي العلامة الكبرى التي سيعطيكم إياها الله بانه سيعاقب العالم على الجرائم العديدة التي إقترفوها بواسطة الحرب والمجاعة واضطهاد للكنيسة وقداسة البابا."
"لتفادي ذلك، سأعود لتكريس روسيا الى قلبي الطاهر ومشاركة التعويض ايام السبت الاول. ان إستجيب طلبي ستهتدي روسيا ويعم السلام، وإلا فستنشر روسيا أخطائها في جميع انحاء العالم مسببة الحروب واضطهاد للكنيسة. الصالحين سيستشهدوا؛ سيعاني قداسة البابا الكثير؛ وبلدان عديدة ستمحى من الوجود. وفي النهاية سينتصر قلبي الطاهر. الآب الاقدس سيكرس روسيا لي وسيتم تحويلها وستمنح الارض فترةً من الوقت."
طلبت السيدة كتمان سر هذه الرسالة لحين ان تعطي هي الاذن بكشفه.

تم سجن الاولاد

سريعاً ما أحدثت تلك الظهورات إثارة جعلت السلطات المدنية الملحدة تنزعج وتتخوف. وفي الوقت المحدد للظهور التالي للسيدة في 13 آب، ومع انه كان هناك حضور لخمسة عشر الف شخص في الانتظار في كوفا، قام حاكم اوريم (Ourém) الملحد، حيث تقع فاطمة تحت سلطته، بالتظاهر بنقل الاولاد الى كوفا ، فخطفهم ووضعهم في السجن. وعلى تصميمه تخليص البرتغال من هذه الظاهرة الصوفية، قام بتهديد الاطفال بحرقهم احياء بالزيت المغلي اذا لم يفصحوا عن السر المعطى. اخرج جاسنتا الصغيرة المسكينة لتحرق وعاد الحارس قائلا: "لقد احرقت." بعدها خرج فرنسيسكو ومن ثم لوسيا بواسطة ممر طويل وكانا مصممان على الموت مع جاسنتا. وكان سرور الاولاد عارماً عندما وجدوا انفسهم احياء في الغرفة المجاورة. لقد كشفت المهزلة. لقد اقيم استنطاق آخر في اليوم التالي ولكن دون جدوى، فقام الحاكم بالافراج عن لوسيا وولدي خالها وامر بإعادتهم الى فاطمة. وبالقرب من قرية فلنهوس (Valinhos) وفي 19 آب، ظهرت السيدة للأطفال مرة أخرى وحثتهم على مواصلة صلاتهم لمسبحة الوردية ومواصلة العودة إلى كوفا في 13 من كل شهر.

اكثر من 30,000 كانوا حاضرين في شهر ايلول وشهدوا لهطول وابل غامض من الزهر يقوم بالذوبان ضمن عشرة اقدام من الارض، وكثيرون شاهدوا أيضا كرة من الضوء تحمل السيدة وتستقر على اعلى الشجرة، وإلتوَت اغصان الشجرة وكأن شخصاً ما يقف عليهم. وبعدها رأوا سحابة تغادر نحو الشرق، من حيث اتت. وقالت سيدتنا للأطفال: "تابعوا مزاولة صلاة مسبحة الوردية، لإحداث نهاية الحرب."

70,000 تجمعوا لمشاهدة الاعجوبة الموعودة

الآن وكل البرتغال بتأجج بسبب الأحداث التي تجري في فاطمة، فجأة اصبحت هذه البقعة الأكثر أهمية في كل العالم. وكانت الصحف مهتمة بشكل خاص، لا سيما للبيان بان معجزة عظيمة كانت ستحدث. وكان العديد من الصحفيين والمصورين حاضرين لتسجيل الأحداث، أو لإثبات أن البيانات ليست سوى أكاذيب.

في الأيام التي سبقت 13 تشرين الاول، كانت كل الطرق تؤدي إلى فاطمة، وكان الناس يأتون من جميع أنحاء الأرض في أي شكل من أشكال النقل يتمكنوا من العثور عليها ومشى كثيرون لأميال واميال عبر الحقول الوعرة. وكان المطر ينهمر طوال ليلة 12، وصباح يوم 13 ايضاً. وعند الظهر كان هناك أكثر من 70,000 محتشد في كوفا، واقفين حتى في طين يعلو حتى الكاحلين، جاثمين معا تحت المظلات، طلبا للحماية من المطر المنهمر بلا هوادة، وهم يصلون بمسابحهم.

Basilica

بعد الظهر بقليل، وصلت السيدة لظهورها الاخير وقالت للأطفال: "أريد أن أقول لكم أن يقوموا ببناء كنيسة هنا على شرفي. أنا سيدة الوردية. دعهم يواصلون صلاة الوردية كل يوم. ستنتهي الحرب وسوف يعود الجنود قريبا إلى ديارهم." وقالت لوسيا: " لدي الكثير من الامور لاسألك: شفاء بعض المرضى، وإهتداء بعض الخطأة..."

"لبعضهم نعم، وللبعض الآخر لا. ومن الضروري أن يُعَدلوا حياتهم، ويطلبون الصفح عن خطاياهم."

أصبح وجهها قاتماً وهي تواصل كلامها: "دعهم لا يسيؤن لله ربنا أكثر، لأنه بالفعل مستاء كثيرا."

الشمس تدور في دوامة

عندما كانت السيدة على وشك الرحيل، فتحت يديها البيضاء كالعادة، وبدا للوسيا أن الضوء المنبعث منهما صعد إلى حيث يجب أن تكون الشمس، مباشرة فوق الرأس.  شاهد الجمع الغيوم تنفصل وكأن ستارين فُتحا وظهرت الشمس بينهما في زراق السماء مثل قرص من النار الأبيض.  هتفت لوسيا: "انظروا إلى الشمس!"  ونظر الناس الى أعلى. وظهرت الشمس مثل قرص من الفضة، ورغم ان الشمس كانت على المع ما رأوها في أي وقت مضى، استطاع الناس النظر مباشرة اليها دون ان تطرف جفونهم ومع وجود ارتياح فريد وممتع. فجأة، وبدفع من قوة غامضة، بدأ القرص بالدوران في السماء، مرسلا بصيصاً هائلا من نور متعدد الألوان: الأحمر والأخضر والأزرق والأصفر والبنفسجي، الأشعة الهائلة تنقذف عبر السماء في كل الاتجاهات، تضيء الريف بأكمله لأميال عديدة حولها، ولكن خصوصاً الوجوه المصوبة الى اعلى لهؤلاء ال 70،000 شخصاً المسحورون.  بعد ثلاث دقائق، توقفت العجيبة، ولكن استؤنفت مرة ثانية وثالثة - ثلاث مرات في حوالي 12 دقيقة.  بدا وكأن العالم كله مشتعلاً، والشمس تغزل بسرعة كبيرة في كل مرة.

ثم شهق الجمع بهلع اذ ان الشمس بدت وكأنها سلخت نفسها من السماء وتنهار على الجمع المرعَب. زعقت امرأة: "انها نهاية العالم." "عزيزي الله، لا تدعني أموت في خطاياي،" ناشد آخر. "العذراء المقدسة، إحمينا،" صرخ الثالث. كان الجميع راكعون بفزع، طالبين الصفح عن خطاياهم. وفي الوقت الذي بدا أن كرة النار ستقع عليهم وتدمرهم، توقفت المعجزة واستعادت الشمس مركزها الطبيعي في السماء، تسطع نورها بسكينة كعادتها.

عندما وقف الشعب، كانت تسمع صرخات الدهشة من جميع الانحاء. اما ملابسهم التي كانت مبللة وكلها وحول، اصبحت الآن نظيفة وجافة.  واما العديد من المرضى والمشلولين فقد تم شفاؤهم من معاناتهم. وتمكن شهود عيان رؤية معجزة الشمس عن بعد 25 ميلا.

الأطفال يتمتعون بظهورات خاصة

في سياق معجزة الشمس، كان للأطفال وحدهم امتياز مشاهدة عدداً مميزاً من الظهورات ملحوظةً في السماء.  وكما وعدت سيدتنا ، جاء القديس يوسف مع العائلة المقدسة وبارك العالم. ومن ثم، ظهرت سيدتنا كأم الأحزان، يرافقها ابنها المقدس، الذي بارك العالم أيضا. وأخيرا، شاهدت لوسيا مريم العذراء المباركة وهي ترتدي الثوب البني لسيدة جبل الكرمل متوجة كملكة السماء والأرض، ممسكة بيدها عقداً بنياً يوضع حول الرأس وعلى الكتفين (Brown Scapular)، حاملة ابنها الرضيع على ركبتها. لكن، في كل هذه الظهورات لم يتكلم احد مع الأطفال.

حقا، فإنه كان يوما عظيما للبرتغال. والصحفيين، وكثير منهم قد جاؤا للسخرية، أعطوا إسهابات طويلة ومفصلة لما حدث، في حين نشرت الصحف العديد من الصور الفوتوغرافية للحشود الكبيرة وللأطفال.  ومع ان تلك سمح بنشرها في جميع انحاء العالم (نسخ للملف موجودة في مكتبة الكونغرس الأمريكي)، قليل من الناس خارج البرتغال أظهروا أي اهتمام بهذه الأحداث، وتجاهلت الصحف في معظم البلدان الأخرى هذا الحدث بكامله.

ألاحداث الهامة اللاحقة

وكما وعدت ألام المباركة، ما لبث فرانسيسكو وجاسينتا إلا وإنضما إليها في السماء. توفي الصبي الصغير من الانفلونزا في نيسان 1919، وأخته من مرض ذات الجنب (pleurisy)في شباط 1920.

كانت تعلم جاسينتا الصغيرة بأنها سوف تصعد إلى السماء فثابرت في العبادة والصلاة والتكفير عن الذنب. أثناء مدة مرضها الطويلة، كان لها مزيد من الاحاديث مع سيدتنا. قبل وفاتها، افصحت عن مزيد من التصريحات مع سيدة (مدينة) فاطمة. وهذه بعض منها:

"مزيد من النفوس تذهب الى الجحيم بسبب خطايا الجسد أكثر من أي سبب آخر."
"بعض الازياء التي ستدرج من شأنها الإساءة البالغة إلى ربنا."
"العديد من الزيجات ليست جيدة، وهي لا ترضي ربنا وليست من الله."
"على الكهنة أن يكونوا انقياء، جدا انقياء. لا ينبغي عليهم الانشغال بأي شيء ما عدا ما يتعلق بالكنيسة والنفوس؛ وعصيان الكهنة لرؤسائهم والأب الأقدس هو جد مسيئ لربنا."
"لم يعد بإمكان الأم المباركه كبح جماح يد ابنها الإلهي عن ضرب العالم كعقاب عادل لجرائمه ألعديدة."
"إن قامت حكومة بلد ما ودعت الكنيسة في أمان وأعطت الحرية لديننا المقدس، فستكون مباركة من الله."
"صرحي للجميع أن الله يعطي النعم من خلال قلب مريم الطاهر. قولي لهم أن يطلبوا النعم منها، وأن قلب يسوع يرغب في أن يبجل جنبا إلى جنب مع قلب مريم الطاهر. اطلبي منهم أن يتوسلوا السلام من قلب مريم الطاهر ، لأن الرب قد اوكل السلام في العالم لها ."

ظهور العذراء مع المسيح الطفل على الأخت لوسيا

في عام 1921، بناء على مشورة من أسقف ليرا- فاطمة (Leira-Fatima)، دخلت لوسيا المدرسة الداخلية للدير لتتعلم القراءة والكتابة. في وقت لاحق أصبحت راهبة في النظام، أخت من أخوات القديسة دوروثي، الذي كان مركزه في توي (Tuy) ، أسبانيا.

وفي احد الايام، حين كانت لوسيا (الآن الأخت لوسيا) راكعة في الصلاة في كنيسة الدير (10 كانون الاول 1925)، ظهرت لها الام المباركة والمسيح الطفل مع رسالة جديدة ورائعة للنفوس. أول من تحدث هو المسيح الطفل، الذي قال: "أشفقي على قلب أمك الفائقة القدسية وهو مغطى بأشواك الرجال الذين لا يعترفون بالجميل وألتي تخترقه في كل لحظة، وليس هناك من يقتلعها بفعل تعويض."

وحاملة بيدها قلباً محاطاً بأشواك حادة، قالت سيدتنا للأخت لوسيا: "يا ابنتي، ها هو قلبي محاطاً بالأشواك التي وضعها الرجال الذين لا يعترفون بالجميل في كل لحظة بتجذيفهم وجحود الجميل. أنت على الأقل تحاولين مؤاساتي. أعلني باسمي أنني أعد بأن أساعد في ساعة الموت بكل النعم اللازمة للخلاص، كل أولئك الذين، في يوم السبت الأول من خمسة أشهر متتالية، يقومون بالاعتراف ويتناولون القربان المقدس، ويتلون مسبحة الوردية، و يبقون في شركة معي لمدة ربع ساعة وهم يتأملون في أسرار مسبحة الوردية بقصد القيام بأعمال التعويض نحوي ".

سر الاخت لوسيا

ظهرت سيدتنا على الأخت لوسيا في عام 1927، وأعطتها هذه المرة الإذن بأن تكشف عن ألقسمين الأولين من رسالة فاطمة. رؤى الملاك؛ ألوعد بأخذ الأطفال إلى السماء؛ رؤية جهنم؛ تنبؤات حرب أخرى، استشهاد بالنسبة للمسيحيين، وتدمير الدول، واضطهاد الكنيسة وقداسة البابا، وانتشار الشيوعية. كل هذا كان سابقاً في طي الكتمان.

و في عام 1929، جاءت سيدتنا مرة أخرى وأكملت الوعد الذي قطعه في 13 تموز بأن تأتي وتطلب تكريس روسيا لقلب مريم الطاهر، ومشاركة التعويض أثناء السبت الأول. وإذا أوفى الناس بطلباتها، سيتم إهتداء روسيا وسيستتب السلام. في مقابلة مع ويليام توماس والش في 15 تموز 1946، قالت الأخت لوسيا، "ما تريده سيدتنا هو أن يقوم البابا وجميع الأساقفة في العالم بتكريس روسيا لقلبها في يوم واحد خاص. وإذا تم ذلك، سوف تقوم بتحويل روسيا، وسوف يتم إستتباب السلام، وإذا لم يتم ذلك، فإن أخطاء روسيا ستنتشر عبر كل بلد في العالم."

في ليلة 25 كانون الثاني 1938، وقفت الأخت لوسيا في نافذة الدير وشهدت وهجاً مشؤوماً أحمراُ أضاء السماء كلها. شوهد هذا الضوء في كل أنحاء أوروبا وأفريقيا وجزء من أمريكا وآسيا من الساعة 20:45 حتي 01:15 باستثناء فترات قصيرة. حاول العلماء تفسير ذلك وأنه حالة غير عادية لظاهرة الانوار الشمالية - أورورا بورياليس (Aurora Borealis). إلا أن الأخت لوسيا علمت أنها كانت العلامة الكبيرة التي تنبأتها سيدتنا في 13 تموز 1917 بأنها عقوبة العالم الاتية قريباً. بعد عدة أسابيع، قام هتلر بغزو النمسا، مولعاً الشرارة التي ستشعل العالم بواسطة الحرب العالمية الثانية. وهكذا بدأت حرب أخرى أسوأ من سابقتها في عهد الولاية الحبرية للبابا بيوس الحادي عشر كما تنبأت بها والدة الله في فاطمة. توفي أربعين مليون شخص في الحرب العالمية الثانية.

الموافقة الكنسية على رسالة فاطمة

بعد 13 عاماً من التحقيق الشامل والدقيق، أصدر أسقف ليرا- فاطمة (Leira-Fatima) في عام 1930 رسالته الرعوية تفيد بأن ما كشف عنه في فاطمة كان جديراً بالاعتناق من قبل المؤمنين. وحاضراً، في المكان الذي ظهرت فيه الام المباركة على الأطفال عندما يقومون برعي الغنم، هناك الآن مزاراً رائعاً، حيث الملايين من الناس يأتون للحج.

في 31 تشرين ألاول من عام 1930، قام البابا بيوس الثاني عشر شخصيا بتكريس العالم لقلب مريم الطاهر. وبعدها بفترة قصيرة، أسس في جميع أنحاء الكنيسة الجامعة، عيد قلب مريم الطاهر، الذي يحتفل به في كل مكان من العالم في 22 أب من كل عام.

وفي 1 أيار 1948، أصدر البابا بيوس الثاني عشر رسالة رعوية خاصة لجميع الأساقفة والكهنة والعلمانيين في جميع أنحاء العالم، والتالي هو جزء من نص تلك الرسالة: "... وحتى كما رأى سلفنا خالد الذكر ، لاوون الثالث عشر، في مطلع القرن العشرين مناسبا بتكريس الجنس البشري بأجمعه لقلب يسوع الفائق القدسية، كذلك نحن أيضا، تحت ستار أو تمثيل الأسرة البشرية جمعاء التي افتداها، نرغب تكريسها بدورنا إلى قلب العذراء مريم الطاهر.

"وبالتالي، فإنها رغبتنا أنه كلما توحي له الفرصة، يتم هذا التكريس في مختلف الأبرشيات وكذلك في كل من الرعايا والعائلات. ونحن على ثقة بأن بركات وإحسانات وفيرة سوف تندفع أماماُ من السماء من جراء هذا التكريس الخاص والعام..." (توقيع البابا بيوس الثاني عشر)

وفي 7 تموز 1952، أصدر البابا بيوس الثاني عشر ألرسالة الرعوية ساكرو فرجنت أنو (Sacro Vergente Anno)، موجهة إلى الروس. خصص وكرس "جميع الشعوب في روسيا إلى نفس ذلك القلب الطاهر"، كما فعل للعالم كله في العقد السابق. كان هذا استجابة مباشرة لطلب سيدتنا، التي تقدمت بطلبه في فاطمة في العام 1917. ومع ذلك، لم يكن كاملا، وفقا للأخت لوسيا، لأنه كان لا بد من القيام به بالاتحاد مع أساقفة العالم ليصبح "جامعاً"، كما طلبت سيدتنا. وقد تمم من قبل البابا يوحنا بولس الثاني في 25 آذار 1984. وفي العام 1989، وبشكل أعجوبي انهار نظام الحكومة الشيوعية الإلحادي دون عنف ويستمر التحول إلى هذا اليوم. ويشجع القارئ لمعرفة المزيد عن هذا التكريس:

تاريخ ألتكريس لقلب مريم الطاهر

وضع خطة السلام في حيز ألتنفيذ

لقد سجل التاريخ العديد من الكوارث الرهيبة التي تنبأت بها والدة الله في عام 1917. معظم الناس اليوم، من مؤمنين وغير مؤمنين على السواء بقلق بالغ إزاء اتجاه الأحداث الحالية ويخشون من أن هناك ما هو أسوأ آتياً في المستقبل. أملنا الوحيد هو خطة الله للسلام القائم على هذه الطلبات من مريم، والدة ربنا يسوع المسيح - 1) التكفير والتعويض، 2) ألتلاوة اليومية لمسبحة الوردية، 3) أيام السبت الخمسة ألأول، و4) ألتكريس لقلب مريم ألطاهر.

التكفير والتعويض

بالنسبة للتكفير عن الذنوب، أوضحت سيدتنا أنه على الناس أن يقوموا بتعديل مسار حياتهم، والتخلي عن درب الخطيئة، وإستلماس الصفح عن خطاياهم، والتعويض لصالح قلب يسوع الأقدس ومريم الذين أًسيء إليهما بشكل خطير من جراء خطايا الناس.

وبالتعويض، تعني سيدتنا: 1) قبول صعوبات الحياة دون تمرد أو غضب كذبيحة للتكفير عن خطايانا؛ 2) إتمام الواجبات اليومية بأحسن ما لدينا من مقدرة؛ 3) قبول مسؤولياتنا بحسب حالتنا في الحياة؛ 4) إطاعة وصايا الله.

التضحية التي يطلبها ربنا من كل واحد منا هي التضحية اللازمة لتجنب الخطيئة، والابتعاد عن مناسبة الخطيئة والقبول مع الخضوع كل معاناة أرسلت لنا أو ندركها نحن. عند تقديم معاناتنا الى الله، ينبغي أن نصلي الصلاة التي علمتنا إياها مريم: "يا يسوع، أقدم لك هذه المعاناة من أجل حبك، ولأهتداء الخطاة، والتعويض عن الخطايا التي ارتكبت ضد قلب مريم الطاهر."

ألتلاوة اليومية لمسبحة الوردية

ناشدت سيدتنا وأصرت على أنه يجب على الناس أن يصلوا مسبحة الوردية يومياُ.  وهذا يعني إشراك العقل على التركيز على كل من الأحداث في حياة يسوع ومريم التي تشكل بنية الصلاة.  ومع مرور الزمن، لا يتحول الفرد إلى حالة طاعة أكبر لله وإلى تفهم أكبر لطرقه فحسب، بل عند ذاك يصبح بإمكان الكنيسة المصلية إنقاذ العالم من الشرور الهائلة التي تواجهها اليوم، كما حدث مرات عديدة في الماضي.  بعد كل عقد من الوردية أتلوا هذه الصلاة: "يا يسوعنا، اغفر لنا خطايانا، ونجنا من نار جهنم ووجه كل النفوس إلى السماء، وخاصة تلك التي هي في اكثر حاجة."

أيام السبت الخمسة ألأول

يتكون هذا التفاني في 1) الذهاب إلى ألإعتراف؛  2) تناول جسد المسيح المقدس؛  3) صلاة خمسة عقود من الوردية.  و4) تمضية 15 دقيقة تأمل في أسرار الوردية مع سيدتنا – كلها بقصد تفعيل التعويض.  وقد وعدت مريم جميع النعم اللازمة للخلاص للذين يأدون بأمانة هذا التفاني لأول يوم سبت من خمسة أشهر متتالية.  (ملاحظة: يجوز ألإعتراف تحت الشروط المعتادة من 8 أيام قبل أو بعد التناول المقدس، شريطة أن لا يكون الشخص في حالة خطيئة مميتة عندما يتناول القربان المقدس).

ألتكريس لقلب مريم ألطاهر

سيدتنا هي في طور البحث عن اناس على استعداد ليصبحوا خلايا صلاة وتضحية من خلال تكريسهم لها. ألتكريس لمريم يعني الثقة في قوة الصلاة ألتوسطية للتغلب على بحر الشر في العالم. وهذا يعني أيضاُ قبول مساعدتها لتقديم أنفسنا والبشرية جمعاء للذي هو قدوس، قدوس بلا حدود. عملياُ، هذا يعني الصلاة لمريم في جميع ألاشكال التي لا تعد ولا تحصى من التضرعات المريمية الموافق عليها من قبل الكنيسة.  أكثر أهمية من أي شيء آخر هو تحقيق طلبات سيدتنا التي أفصحت عنها في فاطمة.

أنظر كيف تصلى مسبحة الوردية.(بالانكليزية – In English)

أنظر كيف تصلى مسبحة الوردية.  (بالعربية – In Arabic)

كيف تصلى مسبحة الوردية " ليصب جسم المؤمنين كله ابتهالات وبإصرار إلى أم الله وأم البشرية، حتى هي، التي ساعدت بصلواتها بدايات الكنيسة ، قد تتعالى الآن كونها فوق كل الملائكة والقديسين، تتشفع قبالة ابنها في زمالة جميع القديسين، حتى جميع أسر الناس، سواء كانوا مكرمين تحت عنوان "مسيحي" أم أنهم ما زالوا لا يعرفون المخلص، قد يكون لحسن الحظ تم جمعهم معا في سلام ووئام في وحدة شعب الله ، لمجد الثالوث الاقدس الغير مقسم."  - دستور الكنيسة (دستور عقائدي في الكنيسة) (Lumen Gentium) المجمع الفاتيكاني الثاني، ص. 69، 21 نوفمبر 1964.

المراجع:

"سيدة فاطمة"  (Our Lady of Fátima)للدكتور ويليام توماس والش (Dr. William Thomas Walsh) (1891-1949) دوبلداي، قسم من مجموعة بانتام دوبلداي ديل للنشر، شركة محدودة   (Bantam Doubleday Dell Pub. Group, Inc)، نيويورك، 1947، 223 ص.

الدكتور والش هو صحفي بارز فاز بتعاون السلطات الكنسية أثناء إعداده المضني لهذا الكتاب. أمضى قدراً كبيراً من الوقت في البرتغال، ودرس مذكرات لوسيا والعديد من المقالات والوثائق المنشورة في الصحف، وأجرى مقابلات مع عشرات من شهود العيان، بما في ذلك لوسيا (1907-2005) وعدد من أعضاء أسرتها والجيران والأصدقاء. إن الحقيقة تثبت عن طريق الشهود.  حقائق فاطمة لا يمكن إنكارها.

أنظر أيضا:

فاطمة الأسرة التبشيريه الدولية
رسالة فاطمة التبشيريه العالمية

TOP

أول ما نشر على هذا الموقع: أيلول، 2010